حياكم الله جميعا بسم الله، والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمّد ابن عبدالله.
عندما دخل اليمنيون في دين الله افواجاً أرسل لهم معلمين يعلمونهم الدين كان منهم علي بن أبي طالب ، ومعاذ بن جبل ، وأبو موسى الأشعري ، ووبْر بن يُحَنّس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم وبر بن يُحنَّس الخزاعي الذي وجهه إلى صنعاء أن يبني لهم مسجداً [color=darkslategray]،عرف بمسجد صنعاء ، وحدد الرسول ص اوصاف المسجد، فحدد موضعه في صنعاء، وحدد علامة واضحة هي جبل ضين الذي يبعد عن صنعاء حوالي ( 30 كم ) وبتحديد جبل ضين حدد لهم زاوية الميل بين موضع المسجد والجبل ، كما حدده - أي الجبل – [color:c24b=darkslategray:c24b]جهة لقبلة المسجد .
ولما كان الرسول صلى الله عليه و سلم [color=darkslategray]– المعصوم من الخطأ – هو الذي حدد الصفات التي يكون عليها المسجد من حيث [color:c24b=darkslategray:c24b]دقة الموقع ، وزاوية الميل نحو الكعبة ، وجِهة المسجد بالنسبة للكعبة ، فلاشك أن هذا التوجيه سيكون دقيقاً ، لذلك كان أهل اليمن ولايزالون يعتبرونه أفضل مساجد اليمن ، لأنه بني طبقا ًلتوجيهات الرسول صلى الله عليه و سلم ووصفه
وإذا كان من أهم صفات المسجد[color=darkslategray] ضبط قبلته نحو الكعبة ، فسنرى في هذا البحث كيف حدد الرسول صلى الله عليه و سلم الأوصاف والمعالم التي جعلت المصلى في مسجد صنعاء لايتجه الى شطر المسجد الحرام فحسب[color:c24b=darkslategray:c24b] بل يتجه الى عين الكعبة وكأنه يراها وهذا من تمام بناء المسجد.
وبهذا الوصف الدقيق من الرسول صلى الله عليه و سلم يكون قد حدد خطّاً مستقيماً من موضع مسجد صنعاء الى الكعبة في المسجد الحرام بمكة المكرمة.
الشروط المطلوبة لرسم خط بين مدينتين متباعدتين:
إن المسافة بين صنعاء ومكة هي (815 كم) تقريبا
فاذا اردنا رسم خط مستقيم بين مكة وصنعاء فلا بدّ مما يلي :
1. وجود خريطة دقيقة تعتمد على الصور الحقيقية لسطح الأرض المأخوذة بالطائرات او الأقمار الصناعية وذلك لنتمكن من تحديد موقع المسجد ، وموقع مكة تحديداً دقيقاً
2. لابد من معرفة خطوط الطول وخطوط العرض على سطح الكرة الأرضية لمعرفة زاوية الميل بين الموقعين بالنسبة للشمال المغناطيسي
[color=red]3. لابد من معرفة مقدار ارتفاع مكة وصنعاء عن سطح البحر لنتمكن من معرفة درجة الإنحناء الناتج عن السطح الكروي لسطح الأرض
فالخرائط المسطحة للأرض لاتمثل الحقيقة بدقة ، لأن الأرض كروية وليست مسطحة ، ووضع الخرائط المسطحة – إذا كانت دقيقة – تفقدنا المسافة او الجهة بين أي موقعين متباعدين على سطح الأرض
متى تمكن الإنسان من استيفاء هذه الشروط:
1. لم يتمكن الإنسان من وضع الخرائط الدقيقة للأرض إلا في القرن العشرين الميلادي بعد ان صنع الطائرات والصواريخ بعيدة المدى التي تحمل الأقمار الصناعية وءالآت التصوير الدقيقة ، وغيرها من الأجهزة
[color:c24b=purple:c24b]2. ولم يتمكن الإنسان من وضع خطوط الطول والعرض الدقيقة للأرض إلا في القرن العشرين بعد أن تمكن من وضع الخرائط الدقيقة لسطح الأرض بأكمله – مشتملا على البحار والجزر والقارات
3. ولم يتمكن الإنسان من معرفة المرتفعات والمنخفضات على سطح الأرض إلا في القرن العشرين بعد أن امتلك الأجهزة الدقيقة التي تحدد له إرتفاع كل جبل وإنخفاض كل وادي على سطح الأرض
هل توفرت هذه الشروط في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم ؟؟؟
الجواب لا... ويعرفه كل عاقل فضلا عن الباحثين والدارسين
فتأمّل إلى اول خريطة لجزيرة العرب وضعها عالم الخرائط الشهير الإدريسي في عام (1154م) بعد الهجرة النبوية بحوالي خمسة قرون ونصف لقد وضع اليمن جنوب شرق الجزيرة ووضع عُمان شمال شرق الجزيرة
وتأمل في الخريطة التي وضعها (جيوفاني لردو) بعده بثلاثة قرون من الإدريسي كيف وضع الجزيرة العربية
وتأمل الى خريطة الجزيرة العربية المأخوذة بالأقمار الصناعية لترى الفرق بين موقع مكة واليمن ، فضلاً عن الفرق بين موقع مكة وصنعاء
علما بأن الادريسي وجيوفاني لردو من روّاد البشرية في رسم خريطة الأرض !! بعد زمن النبي ص بقرون
ولكن الانسان لم يتمكن من القدرة على تحديد الإحداثيات لكل موقع على الأرض بدقة – ليتمكن من رسم خط مستقيم بين مدينتين متباعدتين – الا بعد :صناعة الطائرات وءآلات التصوير الدقيقة ، ووضع خطوط الطول والعرض،واكتشاف الأجهزة التي تحدد ارتفاع المدن عن سطح البحر، وصناعة الصواريخ بعيدة المدى التي تتمكن من حمل الأقمار الصناعية إلى خارج الغلاف الجوي .
[color=darkslategray]وكل هذه الشروط لم تتوفر للإنسان إلا بعد أربعة عشر قرنأ من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
السؤال هو كيف قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتحديد احداثيات ، وقبلة مسجد صنعاء؟
اولاً: ماجاء في كتب الحديث
روى الطبراني في المعجم الأوسط
فقال:قال وبربن يحنس الخزاعي قال لي رسول الله إذا بنيت مسجد صنعاء فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين).
قال الهيثمي :رواه الطبراني فى الأوسط وإسناده حسن
وقد رواه ابن السكن , وابن مندة كما نقله الحافظ في الإصابة
فقول الرسول ص (فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين) يحدد زاوية ميل المسجد الدقيقة نحو الكعبة
[color:c24b=darkslategray:c24b]ثانياً: ماجاء في كتب التاريخ
قال الحافظ الرازي في كتابه (تاريخ صنعاء)
أن رسول الله r أمر وبر بن يُحنّس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء والياً عليها فقال : (ادعهم الى الإيمان فإن اطاعوا لك به فاشرع الصلاة فإذا أطاعوا لك بها فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في اصل غمدان واستقبل به الجبل الذي يقال له ضين)
فلما القى اليهم وبر هذه الصفة من النبي في المسجد قدِم أبان بن سعيد فأسس المسجد على هذه الصفة في بستان باذان في أصل الصخرة واستقبل به ضينا
وقال الرازي : كتب رسول الله الى وبر يبني حائط باذان مسجداً ويجعله من الصخرة الى موضع جدره ويستقبل بقبلته ضينا .
وقول الرسول صلى الله عليه و سلم فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في اصل غمدان) وما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه و سلم إلى وبر (يبني حائط باذان مسجدا ويجعله من الصخرة الى موضع جدره) هو تحديد دقيق لموضع المسجد ومكانه
وقول الرسول صواستقبل به الجبل الذي يقال له ضين) وقوله ايضاً واستقبل به ضينا) هو تحديد دقيق لجهة القبلة.
مسجد صنعاء وموقعه اليوم:
ثانياً: كل توسعة وقعت للمسجد لم يتأثر بها مسجدها القديم الذي حدّه رسول الله ص بل كانت عن يمينه وشماله وامامه ويفصل بينها وبينه ساحة واسعة في الوسط وقد ذكر ذلك الرازي في كتابه تاريخ صنعاء.
ثالثا: وهذه بعض الصور من المسجد :
ساحة المسجد من الأعلى المسمورة ـ الحد الأيسر يتبع