إنها آية عظيمة تستحق منا أن نتفكر فيها وبدلالاتها ومعانيها، ولذلك فإن هذه الآية خُتمت بقوله تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فما هي الأشياء التي ينبغي علينا أن نتفكر فيها؟ لنتأمل هذه الآية العظيمة، يقول تبارك وتعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
دائماً عندما نسمع قول الحق (وَمِنْ آَيَاتِهِ) يجب أن ندرك أن هناك معجزة ما سوف يحدثنا عنها الله سبحانه وتعالى، وهذه المعجزة هي "معجزة الزواج".
لقد استغرقت مني هذه الآية وقتاً طويلاً وأنا أتساءل: ما هو السر الذي أودعه الله تبارك وتعالى في الزوجين، وما هو التأثير المتبادل للأزواج، وما الذي يدعو للتفكر في هذا الموضوع؟ وبما أننا تعودنا على الخطاب بأسلوب الحقائق العلمية فلا بد أن هذه الآية تخفي وراءها أسراراً علمية كثيرة ينبغي علينا كمؤمنين ألا نمر عليها مرور الكرام، بل أن نتوقف ونتأمل ونتدبر حتى نزداد إيماناً وتسليماً لله عز وجل كما قال تعالى: (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب: 22].
كيف يحدث السكون بين الزوج والزوجة؟
يؤكد الباحثون في مجال علم النفس على أهمية أن يكون للرجل زوجة، ويقولون إن وجود زوجة بقربه دائماً سوف تخفف التوتر النفسي بشكل كبير وتخفف القلق والإحباط. وفي دراسة حديثة وجدوا أن الرجل عندما يسافر وبخاصة سفراً متكرراً من أجل العمل أو التجارة أو الدراسة، فإن احتمال أن يُصاب بأمراض القلب تنخفض جداً عندما يكون بصحبة زوجته!
وجدوا أيضاً أن الرجل المتزوج أكثر قدرة على التركيز والإبداع، أما المرأة المتزوجة فقد وجدوا أنها أكثر قدرة على العطاء من المرأة العزبة، وفي ظل العنف المنزلي الذي نراه اليوم في الدول المتقدمة، فإن العلماء يؤكدون أن معظم هذا العنف ناتج عن مخالفة الزواج الطبيعي، واللجوء إلى الزواج غير الشرعي، حيث تجد رجلاً وامرأة يعيشان معاً دون أي عقد زواج، وهذا يؤدي إلى عدم الاستقرار.
زيادة الإنتاج العلمي والقدرة على الإبداع
تؤكد دراسة حديثة أجراها علماء جامعة كانساس (نوفمبر 2006) أن العالم المتزوج أكثر قدرة على الإبداع والإنتاج العلمي من العالِم الأعزب، ولكن الدراسة تؤكد على أن الإنتاج العلمي ينخفض لدى النساء المتزوجات بسبب انشغالهن بشؤون المنزل وتربية الأطفال ومسؤولية الزوج.
ومن هنا ندرك أن عطاء المرأة المتزوجة وإبداعها ينصب باتجاه أطفالها وبيتها وزوجها، وهذا من نعمة الله تعالى على الزوجين ليعيشا في راحة تامة. ووجد العلماء أيضاً أن الشخص الذي يعزف عن الزواج ويعيش وحيداً يكون معرضاً بنسبة أكبر إلى أمراض التوتر النفسي والنوبات القلبية!
التأثير المذهل للكلام الطيب!
الكلمة الطيبة صدقة! هكذا أخبرنا النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام، هذا إذا كانت الكلمة الطيبة لشخص غريب فكيف إذا كانت لزوجة أو زوج، كم سيكون أجرها وثوبها عند الله تعالى؟! ويؤكد الباحثون اليوم أن الكلام المليء بالحنان والعاطفة والرفق له تأثير مذهل على كل من الزوجين، ويخفف إلى حد كبير من المشاكل بينهما.
لقد نشرت الصحف منذ أيام خبراً اعتبره الأطباء بمثابة معجزة في عالم الطب، فقد أصيبت امرأة بمرض فقدت معه الوعي ودخلت في حالة غيبوبة، واستمرت على هذه الحال عدة أشهر، ولكن زوجها كان يجلس كل يوم بجانبها وهو يكلمها كلاماً لطيفاً ويؤكد لها بأنه يحبها ويحرص عليها، ومع أن الأطباء سخروا منه إلا أن هذا الزوج أكد لهم أن الكلام الطيب له تأثير مذهل.
العجيب أن الزوجة الغائبة عن الوعي استعادت وعيها بشكل مفاجئ!! ووقف الأطباء مندهشين أمام هذه الحالة الفريدة التي كانوا يتوقعون لها أن تبقى هكذا عدة سنوات، ولكن الكلام له تأثيره المذهل الذي تعجز عنه وسائل الطب.
من هنا عزيزي القارئ ربما ندرك لماذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يكثر من الكلام الطيب مع زوجاته، لدرجة أن آخر وصية أوصى بها بل وختم بها وصاياه كانت من أجل أن نستوصي بالنساء خيراً، فهل هناك أعظم من هذا النبي الكريم؟ ليت علماء الغرب يعرفون هذه الحقيقة! إنهم يصرفون اليوم بلايين الدولارات لعلاج العنف المنزلي والاغتصاب والشذوذ ولكن دون فائدة، لذلك يا أحبتي هل علمتم لماذا اهتم النبي الكريم بمسألة النساء وأعطاها اهتماماً بالغاً؟ لنقرأ معاً الفقرة التالية لندرك خطورة الابتعاد عن وصية النبي وبلغة الأرقام.
ماذا يحدث لو خالف الأزواج فطرة الله؟
إن الله تعالى قد أودع بين الزوجين شعوراً متبادلاً يؤدي إلى سكون الزوج إلى زوجته، وسكونها إليه أيضاً، وبالتالي تزداد بينهما المودة والرحمة، ولكن هناك من الأزواج من يبتعد عن طريق الله تعالى ويعصي أوامره، ولا يقدر هذه النعمة من الله تعالى، فما هي النتيجة، لنتأمل هذه الإحصائيات في بلاد الغرب حيث نسبة الإلحاد أكبر ما يمكن:
تقول الإحصائيات الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية إنه في كل ربع دقيقة هناك حادثة عنف منزلي تقع في مكان ما، هذا فقط في أمريكا! وتقول الإحصائيات إن ثلاثة أرباع الضحايا هم من النساء!
في دراسة أوربية أجريت عام 1992 تبين أن 25 % من نساء أوربا تعرضت لحادثة عنف منزلي في حياتها لمرة واحدة على الأقل (Council of Europe 1992).
في عام 1998 رصدت الإحصائيات أكثر من مليون ونصف حادثة عنف في أمريكا منها 1830 حالة انتهت بالقتل (طبعاً هذا في عام واحد وفي بلد واحد فتأمل كم عدد الحالات في عشر سنوات وفي دول متعددة!!)، والعجيب أننا نرى الكثير من العيادات النفسية والمراكز والجمعيات والمواقع على الإنترنت قد خُصصت لعلاج آثار العنف بين الأزواج، ولكن للأسف الأرقام في ازدياد.
- في كل 9 ثانية هناك امرأة يُعتدى عليها جسدياً من قبل زوجها!
- 7 % من نساء أمريكا تم الاعتداء عليهن جسدياً، و 37 % تم الاعتداء عليهن عاطفياً بالكلام البذيء والشتم.
- نسبة النساء الحوامل اللاتي تم الاعتداء عليهن تصل إلى 26 بالمئة.
وتؤكد الإحصائية أن نسبة كبيرة جداً من العنف وجرائم القتل ضد النساء تأتي من قبل الأزواج غير الشرعيين!! فانظروا معي إلى عاقبة من يبتعد عن سنَّة الله تعالى ويسلك طريقاً تخالف الفطرة الإلهية، يقول تعالى: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30].
أحبتي في الله! إن معظم هذه الحالات ناتج عن عدم الإيمان بالله واليوم الآخر، يؤكد علماء النفس أن أجمل إحساس لدى المرأة أن تحس بقيمتها عند الرجل، وتحس بأنها شيء كبير في نظره، وهذا يساعد على استقرار الحالة النفسية للمرأة بشكل كبير، ومن هنا ندرك عظمة الوصية النبوية الرائعة: (استوصوا بالنساء خيراً)!!
من يخالف فطرة الله...
هناك أيضاً مسألة الشذوذ الجنسي نتجت من كثرة التعرِّي والفواحش المعلنة والعزوف عن الزواج، وفي دول الغرب هناك ظاهرة تنتشر بشكل كبير اليوم وهي أننا نجد رجلاً يعيش مع رجل آخر أو امرأة مع امرأة، يعيشان وكأنهما زوجان، وتؤكد الإحصائيات أن نسبة العنف بين الشاذين جنسياً كبيرة جداً، تصل إلى 18 ضعف العنف بين الأزواج الطبيعيين. وتصل نسبة العنف والضرب بين الشاذين جنسياً إلى أكثر من 30 بالمئة حسب هذه الإحصائيات (Statistics Canada, Canadas National Statistical Agency, July 7, 2005).
ويؤكد الباحثون في هذا المجال أن العلاقات غير الطبيعية أي بين المتماثلين جنسياً ويسمونها زواج المثلية، لا تدوم لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، وهذا أكبر دليل على أن أي شيء يخالف فطرة الله تعالى لا يستمر ولا يثمر!
الإيدز: من نتائج الابتعاد عن فطرة الله
لا يخفى على أحد اليوم كيف أن ممارسة الفاحشة والإعلان بها سبب أمراضاً خطيرة غير قابلة للعلاج على رأسها :الإيدز"، وتقول أحدث الإحصائيات عن هذا المرض الذي ظهر قبل أكثر من ربع قرن، وعلى الرغم من إنفاق الدول آلاف الملايين من الدولارات على معالجة هذا المرض إلا أن الأرقام لا زالت في ازدياد، لنتأمل:
قارة أفريقيا هي الأكثر تضرراً من هذا المرض القاتل، ويقول الدكتور "جيس تشن" من جامعة كاليفورنيا: إن هذا المرض ينتشر في أفريقيا بشكل مرعب، وهناك 350 مليون شخص يحملون فيروس الإيدز، وعدد الإصابات القاتلة 25 مليون إصابة يموت منها كل عام مليوني إنسان! طبعاً معظم الإصابات تقع خارج الدول الإسلامية أي جنوب الصحراء الكبرى! وهذا برهان مادي على أن تعاليم الإسلام صحيحة. تأملوا هذه الأعداد:
في جنوب أفريقيا هناك 20 % من السكان يحملون فيروس الإيدز!!
من العام 2002 حتى 2020 سوف يقتل الإيدز 68 مليون شخص في العالم!
تؤكد منظمة الأمم المتحدة أن هذا المرض يحتاج كل عام 10 بليون دولار كنفقات علاج!
تخبرنا الأمم المتحدة بأن هنالك في العالم 14 ألف شخص يُصابون بالإيدز وذلك كل يوم!!! ونصف هذا العدد من النساء، ومن هؤلاء 2000 طفل وطفلة! ونحن نقول كل يوم، فتأمل هذه الأعداد الضخمة. إن الخسارات التي سيسببها هذا المرض في عام 2008 هي 22 بليون دولار!
لقد حصد الإيدز منذ 1980 وحتى نهاية 2005 أكثر من 27 مليون إنسان منهم رجال ونساء وأطفال، وفي عام 2005 فقط فقد أكثر من 3 ملايين شخص حياتهم، وهنالك أكثر من 40 مليون شخص يعيشون مع هذا الفيروس وسوف يموتون عاجلاً أم آجلاً.
ويؤكد الباحثون أن معظم حالات الإصابة بالإيدز ناتجة عن العلاقات الجنسية الشاذة والعلاقات الجنسية المحرمة والمخدرات، وجميع هذه الأشياء حرمها الله تعالى، وينبغي علينا أن نفكر بنتائج من يبتعد عن طريق الله وعن الفطرة الإلهية التي فطر الناس عليها.
تأملوا معي هذا النداء الإلهي لكل مؤمن: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30]. لو أن الناس طبقوا هذا الأمر الإلهي هل ستبقى إصابة واحدة في العالم!
الأولاد غير الشرعيين
في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت معدلات الولادات الناتجة عن زواج غير شرعي حتى وصلت إلى 37 % (إحصائيات 2004)، والغريب أن ظاهرة الأولاد غير الشرعيين في الغرب أصبحت مقبولة من قبل الرجال والنساء على حد سواء.
وتقول الدراسة المنشورة على موقع BBC إن نسبة الأولاد غير الشرعيين في بريطانيا كانت 12 % في عام 1998 وقفزت إلى 42 % عام 2004 (Office for National Statistics). أما في دول أوربا الغربية فنسبة الأولاد غير الشرعيين (أي أولاد الزنا) تصل إلى 33 % (the annual ONS Social Trends report).
لقد أصبحت نسبة الرجال الذين يعيشون مع زوجات غير شرعيات 24 % ونسبة النساء اللاتي يعشن مع أزواج غير شرعيين أصبحت 25 % (ONS, 2004).
|
رسم بياني يمثل نسبة الأولاد غير الشرعيين في بعض دول أوربا، ونلاحظ أن النسبة في السويد مثلاً وصلت إلى 55 % عام 2004. وفي أفضل الحالات مثل إسبانيا فإن النسبة وصلت في العام 2003 إلى 22 %، فتأملوا معي: من كل 100 مولود هناك من 22 إلى 55 مولود غير شرعيين، ألا ترون معي أن هذه مؤشرات لانهيار حضارة الغرب! (المرجع BBC). |