اخلاقهم قدوه صالحة علي مر العصور و الاجيال

اقسمت يا نفس لتنزلنه -------- ان اجلب الناس وشدوا الرنة

مالى اراك تكرهين الجنة ------ قد طالما قد كنت مطمئنة
هل انت الا نطفة فى شنة ؟
كان هذا النشيد الملتهب بشتى المشاعر نهاية لحياة الصحابى الجليل عبد الله بن رواحة رضى الله عنه وختم اخر فصل من فصول سيرته الحافلة بالبطولات الغنية بالماثر والمفاخر المشرقة بنور التقى وصالح العبادة
كان عبد الله بن رواحة رضى الله عنه يوم اهل نور النبوة على مكة المكرمة شاعرا فحلا من شعراء يثرب وسيدا مرموقا من سادات الخزرج فما ان بلغته دعوة الهدى والحق حتى شرح الله صدره لاسلام وسخر لسانه فى طاعة ومرضاة الله ورسوله
لقد نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره اعظم المنافحة وزاد عن دعوته بقريحته اكرم الزود فانزل الله فيه وفى صاحبيه حسان بن ثابت وكعب بن مالك رضى الله عنهما الاستثناء الوارد فى قوله جل شانه
والشعراء يتبعهم الغاوون الم تر انهم فى كل واد يهيمون وانهم يقولون مالا يفعلون الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا
فهل هناك اكرم كرامة واعز عزا بان ينزل الله فى شان امرئ قرانا وان يتلى نعته الذى نعته الله به اناء الليل واطرف النهار منذ نزلت هذه الايات والى ان يرث الله الارض ومن عليها
شهد عبد الله بن رواحة رضى الله عنه بيعة العقبة اكرم بها من بيعة وجعله النبى صلى الله عليه وسلم واحدا من النقباء الذين امرهم على قومهم فنعم المؤمر ونعم الامير
منذ ان اسلم فتى الخزرج عبد الله بن رواحة رضى الله عنه عزم على ان يجعل حياته كلها فى طاعة الله فقضى عمره كله مجاهدا عابدا صائما صائما بالنهار قائما بالليل
اخبر عنه ابو الدرداء رضى الله عنه قال :
لقد اتينا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض اسفاره فى اليوم الحار الشديد الحر حتى ان الرجل ليضع يده فوق راسه من شدة الحر وما فى القوم صائم الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة
وقد شهد بن رواحة مع الرسول صلى الله عليه وسلم بدرا واحدا والخندق والحديبية وخيبر فاكرم بها من مواقف واعظم بها من ايام
وفى سنة ثمان للهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث الاف من جند المسلمين الى بلاد الشام للقاء الروم واختبار امرهم وقد امر على الجيش مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه وقال :
ان قتل او اصيب فقائد الجيش جعفر بن ابى طالب فان قتل او اصيب فقائد الجيش عبد الله بن رواحة فان قتل او اصيب فليختر المسلمون رجلا منهم يجعلونه اميرا عليهم
ولما هم جيش المسلمين بغادرة المدينة جعل الناس يودعون الجند والامراء الذين امرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على الجيش فلما ودعوا عبد الله بن رواحةرضى الله عنه جعل يبكى فقالوا ما يبكيك يابن رواحة ؟ فقال اما والله مابى من حب الدنيا ولكنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرا اية من كتاب الله تعالى يذكر فيها النار حيث يقول الله
وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا فايقنت بالورد ولكنى لست ادرى كيف لى بالصدر بعد الورود
فقال المسلمون : صحبكم الله ودفع عنكم وركم الينا فما ان سمع دعاءهم بان يردوا الى اهليهم حتى انشد يقول :
لكننى اسال الرحمن مغفرة -------- وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
او طعنة بيدى حران مجهرة-------- بحربة تنفذ الاحشاء والكبدا
حتى يقال اذا مروا على جدثى ------ ارشده يارب من غاز فقد رشدا
ولما فصل الجيش عن المدينة كان بن رواحة يردف وراءه فتى يتيما يعيش فى حجره هو زيد بن ارقم رضى الله عنه فسمعه الفتى يخاطب ناقلته قائلا :
اذا اذنيتنى وحملت رحلى -------- مسيرة اربع بعد الحساء
فشانك انعم وخلاك ذم --------- ولا ارجع الى اهلى ورائى
فجعل الفتى يبكى لقوله فخفقه عبد الله بن رواحة رضى الله عنه بالدرة وقال ما عليك يالكع ان يرزقنى الشهادة ونرجع انت على رحلى هذا الى المدينة ؟ ولما بلغ المسلمون ارض معان فى الاردن عرفوا ان ملك الروم قد نزل فى منطقة البلقاء غير بعيد منهم ومعه مائة الف جندى من الروم ومعهم مثلهم من نصارى العرب من قبائل لخم وجذام وقضاعة وغيرها
فقام المسلمون وجعلوا يوازون بين عددهم القليل وعدد عدوهم الكثير وقالوا نكتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيامرنا بامره او يمدنا بجند من عنده
فقال عبد الله بن رواحة : ياقوم ان التى تطلبون قد ادركتموها يعنى الشهادة ونحن ما نقاتل الناس بعدد ولا قوة وانما نقاتلهم بهذا الدين الذى اكرمنا الله به فانطلقوا فهى احدى الحسنيين اما النصر واما الشهادة
فاخذ الجيش برايه وشرع يعد العدة لعدوه
وفى اليوم التالى نهض الالاف اللاثة للقاء مائتى الف والتقى الجمعان عند قرية مؤته فى الاردن وكان يتقدم الجيش زيد بن حارثة رضى الله عنه حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يقاتل حتى قتل مقبل غير مدبر ورماح القوم تنهمر من صدره فتناول الراية جعفر بن ابى طالب اخو على رضى الله عنه وهو لايقل شجاعة وباسا وخاض المعركة كما لم يخضها احد غيره ولما حمة الوطيس واشتد وطاة الروم على المسلمين وثب عن فرسه وعقر قوامها بسيفه واوغل فى صفوف الروم وهو ينشد قائلا :
ياحبذا الجنة واقترابها --------- طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها ------- كافرة بعيدة انا بها
على اذ لا قيتها ضرابها
وظل يجود بسيفه يمنة ويسرى حتى قطعت يمينه فتناول الراية بشماله ثم ما زال يقاتل حتى قطعت شماله فاخذ الراية بصدره وعضديه ثم مازال يجالد حتى قتل عند ذلك تقدم عبد الله بن رواحة رضى الله عنه وتناول الراية وهو يرى مصرع صاحبيه عن كثب فجعل يخاطب نفسه قائلا :
يا نفس الا تقتلى تموتى --------- هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد اعطيت --------- ان تفعلى كفعلهما هديت
ثم وجد نفسه تهاب الموقف بعض الهيبة وتتردد بعض التردد فاهاب بها قائلا :
والله لولا الله ما اهتدينا --------- ولا تصدقنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا----------- وثبت الاقدام ان لاقنيا
اقسمت بالله لتنزلنه---------- ان اجلب الناس وشدوا الرنة
مالى اراك تكرهين الجنة ----- قد طالما كنت مطمئنة
هل انت الا نطفة فى شنة
ثم حمل الراية ونزل ساحة الوغى وهنا جاء ابن عم له بعظم عليه شئ من اللحم وقال له : شد بهذا صلبك فانك لم تطعم شيئا منذ ثلاث فاخذه من يده ونهش منه نهشه باطراف اسنانه ثم ما لبث ان راى مصرع المسلمين امامه فقال : ايحدث هذا كله وانت فى الدنيا ؟ فرمى العظم من يده واخذ سيفه واوغل فى صفوف الروم فما زال يقاتل حتى قتل
ولما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم استشهاد قواده الثلاثة استغفر لهم وللمسلمين جميعا وقال رحم الله عبد الله بن رواحة انه كان يحب المجالس التى تتباهى بها الملائكة

جميله قوى ياامة الله
Neutral

شكرا لكى ياصفا على مرورك الجميل
جزاكى الله خيرا
اقسمت يا نفس لتنزلنه -------- ان اجلب الناس وشدوا الرنة

مالى اراك تكرهين الجنة ------ قد طالما قد كنت مطمئنة
هل انت الا نطفة فى شنة ؟

» قدوة صالحة
» محاولة سرقة جثمان الرسول صلى الله عليه و سلم على مدى العصور